تقع مدينة هجين في ريف دير الزور الشرقي على الضفة اليسرى لنهر الفرات, وتتبع إدارياً لمدينة البوكمال، وتضمّ العديد من القرى والمزارع بين جنباتها، ولعلّ أهمّ هذه القرى غرانيج، والكشكية، وأبو حمام، والبحره، والسوسة، والشعفة، وأبو الحسن.
وبعد مرور 4 سنوات على تحرير مدينة هجين من مرتزقة داعش الإرهابي على يد قوات وسوريا الديمقراطية, بدَتْ أشبه بمدينة أشباح, غير صالحة للسكن بسبب الركام الذي خلفته آلات الحرب, ناهيك عن الألغام المزروعة بكثرة في أرجاء المدينة.
وفور التحرير, أخذت قوى الأمن الداخلي على عاتقها إزالة مخلفات الحرب, وبسط الأمن والأمان في المنطقة, وبعد إزالة أكثر من 1000 قذيفة محلية الصنع وعبوات ناسفة وألغام, باشر مجلس هجين المدني بالتنسيق مع هيئة البلديات على إعادة تأهيل المدينة المنكوبة على الصعيد التربوي والخدمي والاقتصادي.
وخلّفت آلات الحرب نسبة دمار تقدر ب٥٥%, استهدفت البنى التحتية والمؤسسات والمنازل، ونتج عن ذلك 400 ألف متر مكعب من الركام الذي ملئ الشوارع الرئيسة والفرعية في المدينة.
وكان لبلدية الشعب في الهجين الدور الأكبر في إزالة الركام, حيث ازالت أكثر من 140 ألف متر مكعب من الركام من الشوارع الرئيسة والفرعية, بالتنسيق مع هيئة البلديات لشمال وشرق سوريا.
وبعد إنهاء الأعمال الإسعافية للمدينة, بدأ الأهالي العودة إلى المدينة تدريجياً, لإعمارها يداً بيد مع المجالس المحلية, لتصبح مدينة هجين الملاذ الأمن ل110 ألف نسمة.
ولمعرفة إلى أين وصلت مدينة هجين بعد أربعة سنوات من التحرير من مرتزقة داعش, اجرت وكالة فرات للأنباء ANF لقاءً مع الرئيس المشترك لمجلس الشعب في مدينة هجين, صلاح السلمان, الذي أكد بأنه خلال 4 سنوات حققنا قفزة نوعية في إحياء المدينة مجدداً.
واستهل صلاح سلمان حديثه قائلاً "بعد مرور أربعة سنوات على تحرير مدينة هجين من مرتزقة داعش, أخذ مجلس الشعب على عاتقه إعادة تأهيل المدينة المنكوبة التي تعرضت لدمار كبير نتيجة المعارك الشرسة، لطرد التنظيم، على يد قوات سوريا الديمقراطية".
وأضاف صلاح السلمان "وخلال الحرب الشرسة, تعرضت المدينة لدمار شبه كلي نتيجة تفخيخها على يد مرتزقة داعش, مما خلّف كميات كبيرة من الركام غطت الشوارع الرئيسية منها والفرعية, وبدروه باشر مجلس هجين المدني بالتنسيق مع بلدية الشعب على ترحيل الركام والبقايا تمهيداً لعودة الاهالي إلى المنطقة".
حلول إسعافية لتنفس الصعداء
عمل مجلس هجين المدني بالتنسيق مع بلدية الشعب على وضع خطط إسعافية من الناحية الخدمية, فور التحرير, لتتنفس المدينة الصعداء.
واوضح صلاح السلمان "عملنا بالطاقة القصوى لإعادة تأهيل وترميم وبناء المدينة, حيث اعتمدنا في المرحلة الأولى على الحلول الاسعافية, تضمنت مد الطريق بمادة البقايا لردم الحفر وبسط الطرق, بالإضافة إلى تنظيف الأحياء والمدارس بمشاركة الأهالي, وترحيل الاوساخ والاتربة إلى خارج المدينة لتبدأ المدينة بتنفس الصعداء".
وأضاف السلمان "وبعد إنهاء الخطط الاسعافية, عملنا على تعبيد الطرق الرئيسة, بمد قميص أسفلتي بطول 42 كم, ولإضفاء الطابع الجمالي للمدينة علمنا على إنارة الشوارع الرئيسية بطول 26 ألف متر, ولتأمين مياه الشرب للأهالي, تم تأهيل 3 محطات مياه, ويتم العمل على محطة رقم 4 لضمان وصول مياه الشرب لكامل المدينة وريفها".
وبّين صلاح السلمان "بهدف تنظيم الأحياء, تم إنشاء 45 كومين موزعين على أحياء المدينة وريفها, في البدايات واجهتنا صعوبات لعدم معرفة الاهالي بالمعنى الحقيقي للكومين, وفي هذا الإطار بدأنا بتوعية الشعب على ضرورة الكوميين في المجتمع ودوره في تنظيم الأحياء".
وأكمل "ويتبع إلى مدينة هجين 4 مجالس محلية, حوامة والوسط والشرقي والمو حسن, ويبلغ عدد سكان مدينة هجين 110 ألف نسمة مع اللاجئين والنازحين القادمين من مناطق مختلفة من الداخل السوري وخارجه".
واختتم صلاح السلمان "يحمل المجلس المدني على عاتقه التوعية والإرشاد والتنظيم والتوجيه على كافة المستويات, واستقبل الوفود القادمة من كافة مناطق شمال وشرق سوريا, والمنظمات الدولية, ويتم تقديم شكاوي وطلبات لهم, ويتم عقد الاجتماعات بشكل دوري لمعرفة الصعوبات التي يواجها المجتمع".
بسط الأمن والأمان
وفور تحرير مدينة هجين, أخذت قوى الأمن الداخلي على عاتقها بسط الأمن والأمان في المدينة, من خلال إزالة مخلفات الحرب, وإنشاء الحواجز داخل وخارج المدينة, وملاحقة الخلايا النائمة التي تعبث باستقرار المنطقة بين الحين والآخر, وكان للأهالي دور كبير في ملاحقة الخلايا النائمة والحفاظ على أمن المنطقة.
وبدوره قال مسؤول أمن الحواجز في مدينة هجين اسماعيل الصالح "تستمر قوى الأمن الداخلي في ملاحقة الخلايا النائمة لضبط استقرار المدينة, ونعمل بشكل مستمر على إنشاء الحواجز الأمنية لبسط الأمن والأمان في المدنية".
وأضاف "وبعد مضي أربعة سنوات على تحرير المدينة, قمنا بإزالة مخلفات الحرب, وتم فرزها على شكل التالي 940 قذيفة هاون, 35 عبوة لاصقة, 18 عبوة زرع, 8 صواعق قنابل يدوية, 3 فتيل ألغام".
عودة 19 ألف طالب إلى مقاعد الدراسة
بعد حرمان طلاب مدينة هجين من حق التعليم لمدة 8 سنوات, بسبب تعدد الفصائل التي شهدتها المدينة, شهدت المدينة توقف تام للقطاع التعليمي نتيجة منع مرتزقة داعش الإرهابي الطلبة من حقهم في التعليم, وبدورها باشرت لجنة التربية والتعليم الى إعادة تأهيل المدارس لتأمين عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة.
وقال الرئيس المشترك للجنة التربية والتعليم في ريف الدير الزور الشرقي أحمد الشبلي "بعد عودة الأهالي لمدينة هجين شكلنا فريق تطوعي من 325 معلم ومعلمة, واستهدف العمل التطوعي تأهيل المدارس المدمرة جزيئاً, واستمرت الأعمال مدة 8 أشهر عملنا من خلالها تبديل النوافذ والابواب والمقاعد وتنظيف المدارس والصفوف تمهيداً لاستقبال الطلاب, وانتهت الاعمال التطوعية لتفتح لجنة التربية والتعليم أبوابها في شهر كانون الاول من العام 2019".
وأضاف "وخلال الحرب, تعرض القطاع التعليمي لدمار شبه كلي, حيث تعرضت 18 مدرسة لدمار منها 3 مدمر جزئي و15 دمار كلي, وكان هناك تعاون كبير من قبل الأهالي حيث تم بناء 9 مدارس بالتعاون مع الأهالي".
واختتم أحمد الشبلي حديثه قائلاً " وبعد إعادة تأهيل معظم المدارس, عاد 19ألف طالب/ة إلى مقاعد الدراسة, موزعين على 43 مدرسة ابتدائية وإعدادية وثانوية, وبكادر مختص في المجال التربوي 526 معلم/ة.
تأهيل القطاع الصحي لخدمة 400 ألف نسمة
كماوعملت لجنة الصحة على إعادة تأهيل القطاع الصحي الذي تعرض للدمار نتيجة تحويله لنقاط طبية وعسكرية على يد مرتزقة داعش الإرهابي.
وبدورها عملت هيئة الصحة لشمال وشرق وسوري بالتنسيق مع لجنة الصحة في مدينة هجين على إعادة تفعيل مشفى هجين المركزي, الذي يؤمن لـ 400 ألف نسمة خدمات صحية بشكل مجاني.
جثث مجهولة الهوية
وبحسب الطبيب الشرعي الذي تحفظ عن ذكر اسمه، والذي تحدث عن الصعوبات التي واجهتهم خلال عملية انتشال الجثث داخل المنازل فور التحرير، بالإضافة لعدم توفر أجهزة للتعرف على الجثث.
واستهل الطبيب الشرعي حديثه بالقول "شكلنا فريق مؤلف من ١٢ عامل و٤ ممرضين وطبيب شرعي, لنبدأ انتشال الجثث ضمن أحياء ومنازل مدينة هجين".
وأَضاف "بمساعدة الاهالي استطعنا أن نستدل على مواقع الجثث، حيث كان أغلب مواقع الجثث المدفونة ضمن منازل المدنيين، وكانت تحوي الحفرة الواحد على ٣ او ٤ جثث من جنسيات مختلفة.
وحول سجل المفقودين قال "عملنا على ترقيم كل جثة على حدى, وعملنا على تقييدها في سجل المفقودين، ودفنها بطريقة شرعية، ولكن افتقارنا للأجهزة المتطورة وقف عائقاً أمام التعرف على الجثث".
مقابر بانتظار الكشف عنها
تشهد منطقة الباغوز الواقعة بريف دير الزور الشرقي المحاذي للحدود العراقية انتشار كبيراً للمقابر الجماعية التي تضمّ آلاف الجثث المجهولة التي قد تعود إلى مرتزقة أو مدنيين أو ايزيديات ممن خطفهم التنظيم.
وبحسب الطبيب الشرعي "وبعد تحرير منطقة الباغوز, آخر جيب لمرتزقة داعش, تم انتشال 465 جثة من منطقة الباغوز, ويوجد 4 مقابر جماعية لم يتم العمل عليهم نتيجة عدم قدرة الفريق على انتشال الأعداد الهائلة من الجثث مجهولة الهوية".